مصر تُعلن خطة لنقل الشركات الحكومية إلى صندوق مصر السيادي: رؤية استراتيجية أم مجرد تدوير إداري؟
أعلنت الحكومة المصرية عن خطة شاملة لنقل إدارة جميع الشركات الحكومية إلى صندوق مصر السيادي، وذلك بهدف تعظيم العائد على أصول الدولة وتحقيق استثمار أكثر كفاءة. هذه الخطوة تأتي في وقت يتزايد فيه التساؤل حول فاعلية هذا التوجه في ظل التحديات البيروقراطية والإدارية التي قد تعيق تحقيق الأهداف المرجوة.
هل ستكون خطوة استراتيجية أم مجرد نقل إداري؟
أثار نقل جميع الشركات الحكومية إلى الصندوق السيادي تساؤلات عديدة: هل سيؤدي ذلك إلى تحسين فعالية إدارة الأصول وتعظيم الإيرادات، أم أن الأمر لا يعدو كونه مجرد تدوير إداري لن يحقق تغيرًا حقيقيًا في ظل المعوقات التي تواجه عمليات الدمج والإدارة؟
تفاصيل خطة الحكومة المصرية
خلال مؤتمر “إنفستوبيا 2025” في أبو ظبي، أكد وزير الاستثمار المصري، حسن الخطيب، أن نقل الشركات إلى صندوق مصر السيادي سيكون تدريجيًا وفقًا لخطة تم إعدادها بعناية. وتشمل الخطة ثلاث خطوات رئيسية:
- إعادة هيكلة الشركات الحكومية.
- جذب شركات القطاع الخاص للاستثمار والمشاركة.
- طرح بعض الشركات للاكتتاب العام في البورصة.
وتسعى الحكومة من خلال هذه الخطوات إلى تعظيم قيمة الشركات الحكومية وزيادة العوائد الناتجة عنها، بعيدًا عن التركيز على بيع الشركات بأسعار قد لا تعكس قيمتها الحقيقية.
مستقبل صندوق مصر السيادي وأهدافه
في إطار التزام مصر بوثيقة سياسة ملكية الدولة الصادرة في 2022، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، أعلنت الحكومة عن طرح حصص في 32 شركة تابعة للدولة، تغطي 18 قطاعًا اقتصاديًا متنوعًا.
وتُقدر أصول صندوق مصر السيادي بحوالي 12.7 مليار دولار، بينما يبلغ حجم الأصول المدارة حوالي 637 مليون دولار. يهدف الصندوق إلى إدارة أموال وأصول الدولة والشركات المملوكة لها بطريقة احترافية تضمن تعظيم قيمتها للأجيال القادمة.
التعديلات المثيرة على قانون صندوق مصر السيادي
في خطوة مثيرة للجدل، أقر البرلمان المصري تعديلات قانونية على قانون صندوق مصر السيادي. شملت هذه التعديلات إعفاء جميع المعاملات الداخلية بين الصندوق والكيانات التابعة له من الضرائب والرسوم الحكومية، بالإضافة إلى منح الصندوق حماية قانونية تمنع الطعن في العقود أو الإجراءات المتخذة لتحقيق أهدافه.
بينما تعزز هذه التعديلات صلاحيات الصندوق في إدارة الأصول، فإنها تثير تساؤلات حول مدى شفافية عملياته وضوابط الرقابة عليها.
التحديات والتوصيات من الخبراء
وفقًا لما ذكره محمد فؤاد، عضو اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي بمجلس الوزراء، لم تحقق نتائج الصندوق الأهداف المنشودة حتى الآن. فقد ركز الصندوق بشكل أساسي على نقل ملكية الأصول بين الجهات الحكومية دون تطوير هذه الأصول أو توليد عوائد ملموسة.
وأشار فؤاد إلى أن الغموض حول هوية الصندوق ودوره، بالإضافة إلى عدم استقراره المؤسسي بسبب التغييرات الإدارية المستمرة، يمثلان عائقًا أمام تحقيق أهدافه.
وفيما يتعلق بمستقبل الصندوق، أوصى فؤاد بإعادة هيكلة واضحة للصندوق تشمل تحديد استراتيجية متوازنة تجمع بين التشغيل والشراكة، مع تحسين الاستقرار الإداري وتطوير آلية لنقل الأصول مبنية على دراسات دقيقة.
الباحثون يعلقون: حلول جذرية للإصلاح الاقتصادي
من جانبه، وصف مصطفى يوسف، الباحث في الاقتصاد السياسي ومدير المركز الدولي للدراسات التنموية، خطة الحكومة المصرية بنقل جميع الشركات إلى الصندوق السيادي بأنها “جريئة”. ورأى أن تكرار الحكومة للتصريحات بشأن إمكانية حل أزمة السيولة عن طريق بيع أو رهن الأصول لا يعكس الواقع الاقتصادي بشكل دقيق.
وأشار يوسف إلى أن جوهر الأزمة يكمن في الهيمنة العسكرية على قطاعات كبيرة من الاقتصاد، وهو ما يؤدي إلى خلل هيكلي ونقص في خطط التنمية المستدامة. واقترح عدة حلول لضمان إصلاح اقتصادي شامل ومستدام، تشمل:
- سيادة القانون.
- رفع يد الجيش عن الاقتصاد.
- تقليص الإنفاق الحكومي.
- بيع المشاريع غير المجدية.
- توجيه الموارد إلى قطاعات حيوية مثل التعليم و الصحة و السياحة.
خلاصة
بينما يطمح صندوق مصر السيادي إلى تحسين إدارة أصول الدولة وتعظيم عوائدها، إلا أن الطريق نحو النجاح محفوف بالتحديات التي تحتاج إلى حلول استراتيجية وإدارية قوية. فهل ستتمكن الحكومة من تحقيق أهدافها في ظل هذه التحديات؟ الأمر يبقى رهنًا بكيفية تنفيذ الخطة وإدارة الصندوق على المدى الطويل.
المصادر:
- تصريحات وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب خلال مؤتمر “إنفستوبيا 2025” في أبوظبي.
- بيانات حكومية عن صندوق مصر السيادي.
- مقالات وتقارير من موقع الجزيرة ووكالات الأنباء.